السبت، 17 يوليو 2010

نبذة بسيطة عن الموسيقار محمد الأمين

محمد الامين الشامخ بقدر شموخ هذا الوطن سوف احاول اجمع قليل من كثير لهذا الانسان الرائع واتمنى منكم ان تكتبو عنه الكثير ....
صلاح الباشاكانت البداية في ودمدني تلك المدينة التي ظلت دوماً تعطي و لكنها لا تقبض لم تستلم مطلقاً ، ربما لأن الله تعالي قد وهبها خاصية العطاء، وياله من عطاء ، حيث كان ولا يزال عطاءً يسع كل شيء ، السياسة والفكر،الطب والهندسة، الرياضة والفنون بمختلف ضروبها، وأهل الطرق الصوفية وإنشادهم اللامتناهي فكان الكاشف وعلي المساح ، ثم عمر أحمد الذي رحل سريعاً في عمر الصبا بعد ان ترك لنا تلك الخالدة(كان بدري عليك تودعني وأنا مشتاق ليك) ،وصاحب حنتوب الجميلة الراحل الخير عثمان ،والبقية كثرٌ، ولم تتوقف ودمدني فكان أبو الأمين هدية ودمدني لكل أهل الإبداع في السودان وكان فضل الله محمد الذي رافق بجديد مفردات أشعاره ميلاد هذا الفنان الذي دخل الساحة وقد كان عملاقاً متسلحاً بما تحتاجه المنافسة من أعمال كانت مبهرة بحق لذلك إعتلي القمة ولم يتزحزح عنها قيد أنملة حتي الآن

الفنان محمد الأمين حمد النيل الإزيرق، أو كما يحلو لأهل ودمدني أن يطلقوا عليه كلمة(وداللمين) ومعجبيه أيضاً يقولون(أبو اللمين) ، نشأ منذ صغره متعلقاً بالفن والموسيقي في تحركات طفولته مابين أهله ودار أبيه وأعمامه في ودمدني تارة وفي (ود النعيم) ضاحية ودمدني حيث الجذور الأولي مرات أُخر كثيرات كان أعمامه من قادة العمل الوطني في رئاسة إتحاد مزارعي الجزيرة لعدة دورات قبل عقود طويلة من الزمان قال لنا صديق عمره الراحل المرحوم (حسن الباشا) مؤسس إتحاد فناني الجزيرة والذي إنتقل إلي رحمة مولاه في مايو 1997م ، أن محمد الأمين ومنذ في فترة صباه كان يهوي العزف علي آلة (المزمار) قبل إنتقاله إلي آلة العود ، حيث أصبح فيما بعد من أهم عباقرة العزف عليه بتفوق شديد0 وقد كان لمحمد الأمين خال يعمل رئيس حسابات بالإدارة المركزية للمياه بودمدني وهو الأستاذ(بله يوسف الإزيرق) أطال الله في عمره، وكان محمد يزور خاله هذا من وقت لآخر في العمل و قد بدأ الغناء وقتذاك وبدأ نجمه يلمع في المدينة حيث إشتهر بأغنية الحقيبة التي وضع كلماتها الشاعر الراحل صالح عبدالسيد(أبو صلاح) وهي أغنية (بدور القلعه وجوهرا) والتي ظلت مرتبطة بمحمد الأمين عندما وضع لها موسيقي راقية وذات مرة وجد عند خاله هذا بالمكتب الشاعر المراجع(محمد علي جباره) الذي كان يأتي من الخرطوم لمراجعة حسابات هيئة المياه بودمدني وقد علم بموهبة محمد الأمين ، فما كان منه إلاّ وأن أهدي له قصيدة كانت بمثابة جواز مرور عند سفره للخرطوم لإجازة صوته للتسجيل للإذاعة بأم درمان ، وكانت الأغنية هي ( وحياة إبتسامتك) والتي وضع لها محمد الأمين لحناً جميلاً وتقول بعض كلماتها:

قبل ما أشوفك كنت فاكر الريد مستحيل

كنت تايه في طريق خالي وطويل

ليلي دون الناس كلو هات كلو

من يوم ماشفتك قلبي للدنيا إبتسم

أشرقت دنياي فارق ليلي هم


فكانت مفردات تلك الأغنية فعلاً جديدة ، وفيها إنتقاليه من النمط الشعري الذي كان يسود الساحة الغنائية وقتذاك، لذلك كانت تلك البداية موفقة جداً للفنان محمد الأمين ، وهو بمقدرته اللحنية إستطاع أن يخلق لها ذلك اللحن الذي أثني عليه الجمهور والنقاد والمطربون أيضاً ثناءً جميلاً ، لأن اللحن كان في غاية الهدوء مما أتاح لمعاني الكلمات أن تبرز بوضوح للمستمع ويتضح جمالها ولاننسي هنا (الصولة) بالعود التي صاحبت ذلك اللحن حيث أنها قد أعطت الإشارة للناس أن هذا الفنان يمتلك خاصية العزف المميز لتلك الآلة مما قاده إلي إستعمال عزف منفرد في عدة (صولات) لمجموعة من أعماله الغنائية التي ظهرت فيما بعد

كان إنتقال محمد الأمين للخرطوم في عام 1962 م حيث كان المرحوم اللواء محمد طلعت فريد وقتها وزيراً للإستعلامات والعمل( الإعلام حالياً) وقد أشرف الوزير علي قيام مهرجان مسابقات فنون المديريات التسع المعروفة آنذاك بمناسبة إفتتاح المسرح القومي بأم درمان لكي تتنافس فرق المديريات في إبراز أعمالها علي المسرح ،وقد شاركت كل مديرية بأحسن مبدعيها في مجال الفنون والرقصات الشعبية ، حيث ظهرت رقصات الكمبلا ورقصات الجنوبيين وظهر العديد من المطربين كالفنان الطيب عبدالله من المديرية الشماليه مثلاً، فكان محمد الأمين من ضمن فرقة مديرية النيل الأزرق بودمدني المشاركة في المهرجان ، حيث كانت تلك المديرية محافظة كبيرة تضم الولايات الثلاثة الحالية وهي (الجزيرة والنيل الابيض والنيل الأزرق ) وفيما بعد عُرفت بالأقليم الأوسط وبعد إنتهاء ذلك المهرجان إستقر محمد الأمين بالعاصمة و كان يسكن بأم درمان ومعه أيضاً الفنان أبو عركي البخيت الذي إشتهر بأغنية عمر أحمد في البداية(كان بدري عليك) المذكورة سابقاً، ولم يكن الطريق إلي الشهرة ممهداً أمام ود الأمين ، فصبر صبراً شديداً وإجتهد إجتهاداً كبيراً في تقديم أعمال تقنع الجمهور وترسِّخ أقدامه في ميدان الفن حيث كانت الساحة تعج بالعمالقة وقتها وكانت المنافسة ساخنة والأجهزة محدودة والمردود المادي لا يكفي حتي للقمة العيش وعنذاك ظهرت أعماله الأولي (أنا وحبيبي) والمشهورة بإسم يا حاسدين غرامنا ، وما أجملك ، والأغنية المختفية(مسيحيه) وبالطبع وحياة إبتسامتك وبدور القلعه

أما شاعرنا الأستاذ فضل الله محمد فقد ظل إسمه مرتبطاً منذ وقت مبكر بتأليف الأعمال االغنائية للفنان أبو الأمين وهو لايزال طالباً ، حيث كانت فترة إنتقال محمد الأمين إلي العاصمة متقاربة مع فترة إنتقال الأستاذ فضل الله محمد من ودمدني الثانوية إلي كلية الحقوق بجامعة الخرطوم في عام 1963م ، وقد كان إنتاج فضل الله كثيفاً ومتتابعاً ، وقد شهدت حقبة الستينات كذلك إنتقال أعداد من عازفي الموسيقي من ودمدني إلي الخرطوم ، كعازف الكمان الراحل حسين عبداللهِ، ومن قبله بدر التهامي ، وبدر أنجلو، وإسماعيل يحيي (مندكورو) والحبر سليم ، وعازف الإيقاع عبدالله حبه وعلي أكرت
كانت من أهم ملامح تلك الفترة الخصيبة هي أعمال تمجيد إنتفاضة أكتوبر الشعبية التي كان فضل الله محمد معايشاً لها كطالب نشط بالجامعة حيث كان للشعرالوطني مكانته في تلك السنوات من حقبة الستينيات ، وكانت الجامعة تذخر بالشباب من الشعراء ، كفضل الله وسبدرات وعلي عبد القيوم وصديق محيسي ومحمد المكي إبراهيم وكامل عبد الماجد ومحمد عبدالحي ، حيث تنوعت أعمالهم الشعرية الغنائية والوطنية أيضاً ووقتها تباري الشعراء والفنانون في الأناشيد الأكتوبرية ، فظهر نشيد محمد الأمين الذي صاغ كلماته فضل الله محمد وهو بالجامعة طالباً والذي رافق أداؤه مجموعات من الكورال الجميل ، كانت مقدمته تقول:

أكتوبر واحد وعشرين ياصحو الشعب الجبار

يالهب الثوره العملاقه يا مشعل غضب الأحرار

وهنا نجد أن الشاعر يصف تلك الصحوة التي إنتظمت الشعب وما رافق ذلك من أحداث إلي أن يصل بنا إلي حادثة إطلاق الشرطة للرصاص لفض ندوة الطلاب الشهيرة حول مشكلة الجنوب داخل ساحات داخليات (البركس) بجامعة الخرطوم ، والتي علي إثرها أستشهد طالب العلوم أحمد القرشي طه من قرية (القراصة) بالجزيرة ، كأول شهيد في تلك الأحداث في يوم 21 أكتوبر 1964م وهنا يتألق الشاعر في وصف هذا الحدث في المقطع التالي:

من دم القرشي وأخوانه في الجامعه أرضنا مرويه

من وهج الطلقه الناريه أشعل نيران الحريه

بارك وحدتنا القوميه وأعمل من أجل العمران

وهذا العمل الغنائي قد أسهم في رفع إسم محمد الأمين عالياً كعمل مميز وسريع جداً يتناسب مع تلك الفترة التي كانت نشوة الإنتصار تطغي فيهاعلي مشاعر الجماهير ، وقد بدأ وقتذاك أيضاً نجم الشاعر فضل الله محمد يصعد إلي عنان السماء وسط الطلاب وفي الشارع السوداني العريض ، كما أننا في ودمدني وقد كنا وقتها في نهاية المرحلة المتوسطة هناك و عشنا أحداث الإنتفاضة في شوارع المدينة ، قد تملكنا الفخر والإبتهاج لأن محمد الأمين وفضل الله قد إمتلكا أحاسيسنا وإزدادت فرحتنا بهما كنتاج طبيعي (للإنحيازالجهوي) لمدينتـنا

بعد ذلك العمل أصبح الفنان محمد الأمين رقماً في ساحة الغناء العاطفي والوطني لايمكن تجاوزه بسهولة ، وهنا جاءت تلك الأغنية الخالدة حتي اليوم والتي أسماها شاعرها فضل الله محمد (الحب والظروف) وقد إشتهرت شعبياً تحت إسم (قلنا ما ممكن تسافر) فكانت بداية كبيرة جداً في تلك السن المبكرة للشاعر،ووضع لها محمد الأمين ذلك اللحن الهاديء أيضاً الذي إبتدره بمقدمة موسيقية وبمعالجة وإستخدام واضح لآلة العود ، وقد ابرز فيها آلة الكمان أيضاً في (صوله) رائعة، وحتي إيقاع الأغنية كان أيضاً مميزاً، وقد كان الشاعر يخاطب فيها (الجانب الآخر) بطريقة هادئة تشعرنا وكأنه يناقشه (بكل هدوء ورقة شاعرية) لإثنائه عن قراره في السفر حيث تقول المقدمة:

قلنا ما ممكن تسافر نحن حالفين بالمشاعر

لسه ماصدقنا إنك بجلالك جيتنا زائر

السفر ملحوق ولازم إنت تجبر بالخواطر

لو تسافر دون رضانا بنشقي نحن الدهر كلو

مابنضوق في الدنيا متعه وكل زول غيرك نمِلـّو

ولقد تعمدنا هنا أن نلقي ضؤءاً كثيفاً علي أغنية ( الحب والظروف) هذه لأنها وبكل مقاييس الإبداع الفني والموسيقي تعتبر إضافة كبيرة وموفقة جداً في أعمال محمد الأمين الغنائية ، فساعدت علي تثبيت أقدامه أكثر في الساحة الفنية في منصف الستينيات

وتأتي الذكري الثانية لإنتفاضة أكتوبر ، وكان يجب علي محمد الأمين أن يواصل إنجازاته في مجال الأغنية الوطنية بعد نجاح نشيده الأول الذي ذكرناه سابقاً، وكان علي الشاعر فضل الله محمد أن يقوم بتأليف إسهام جديد في تلك الفترة ، فأتي نشيد (الإنطلاقه) ذلك النشيد الذي كانت حماسة كلماته تجبر محمد الأمين أن يواكب لحنياً قوة تلك الكلمات ، فأخرجها في طابع لحني كان قوياً يلهب المشاعر ، وبإيقاع موسيقي يأخذ شكل المارشات العسكرية ، فكانت الكلمات بالفصحي تقول:

المجد للآلاف تهدر في الشوارع كالسيول

يدك زاحفها قلاع الكبت والظلم الطويل

المجد للشهداء المجد للشرفاء

ثم تتواصل كلمات النشيد بنفس وتيرة الحماس ذاك ، إلي أن يأتي المقطع الذي يتحمل فيه الكورال الشبابي أداء الأبيات التاليه مع الفنان في قوة شديدة أعطت للعمل نكهة حماسية أكثر سخونة عندما يقول:-

الثورة إنطلقت شعاراتِِ ترددها القلوب

الثورة الحرية الحمراءُ شمسُُ لا تغيب

الثورة التحريرُ تـُرجـِعُ هيبة الحكم السليب

الثورة التحريرُ للثوارِ في كلِّ الشعوب

الثورةُ الإيمانُ قاد الشعبُ في اليوم الرهيب

ثم تلتها أيضاً أنشودة (شهر عشره حبابو عشره) في الذكري التاليه للإنتفاضه ، وبعدها إلتقي محمد الأمين في عام 1967م بذلك العمل الإنتقائي الطويل الضخم الذي أخذ جهداً طويلاً في التلحين والإخراج ، وهو قصة ثورة أو (الملحمه) التي قام بتأليفها الشاعر الفذ (هاشم صديق ) وقد سبق لنا في هذا المجال أن تناولناها عند إستعراضنا لأعمال الشاعر هاشم الشعرية من قبل ، غير انها تبقي محطة هامة جداً من محطات إنجازات الفنان محمد الأمين
تابعونا فى الوصله التاليه

منـــــــــــــــــــــــقول

هناك تعليقان (2):

  1. الشعر في ذاك الزمان الثر كان اشبه بالشعر العربي بكلماته الفحى القويه وزاد جماله وحلاوته وقوته تلك الموسيقي العسكريه الناريه القويه والتي صاغهاوالفها ذلك المويسقار الفذ الاستاذ محمدالامين واتمني الن يحفظ هذا الابدع شعرا وموسيقي ال ان يأتس اليوم الذي يكون هذا الابداع ضمن مقررات بعض المراحل الدراسيه انشاء الله

    ردحذف
  2. وبالتاكيد نفتخر بكل شعراءنا وفي هذه العجاله نخص شاعرنا الفذ الغيور الاستاذ فضل الله محمد ولكم تحياتي

    ردحذف